الخرطوم – انتقال – وكالات
خلافاً لما هو معتاد تأخر إقرار الموازنة السودانية 2023، عن موعدها المعتاد في ديسمبر، لتدخل البلاد في العام الجديد بدون قانون مالية عامة.
إلا أن هذه الإجراءات عطلت مسارات كثيرة في الدولة، من بينها الموازنة التي أودعتها وزارة المالية السودانية لدى مجلس الوزراء، الشهر الماضي، ولم تتم إجازتها بصورة نهائية حتى الآن.
وعلى الرغم من ذلك، بدأت بعض الوحدات الحكومية وفي مقدمتها وزارة الداخلية، بزيادة رسومها على بعض الخدمات وهو الأمر الذي أثار حفيظة المواطنين، لتطبيق الزيادات دون إجازة الموازنة بصورة نهائية.
وزير المالية جبريل إبراهيم، قال إنّ وزارته لا تملك سلطة فرض ضرائب أو رسوم جديدة، مشيراً إلى أنّ ذلك اختصاص السلطة التشريعية.
وأوضح جبريل إبراهيم في تدوينة على صفحته الرسمية، الشهر الماضي، أنّ الوحدات الحكومية هي التي تقترح تعديل رسومها وفق تقديرها لتكلفتها الحقيقية، ويقتصر دور الوزارة في الموافقة عليها.
وأشار إلى أنّ وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لا علاقة لها بالرسوم الدراسية التي تفرضها الجامعات.. “لا تتم استشارة الوزارة، كما لا علاقة لها بالجبايات التي تتمّ في المحليات والولايات وطرقها”.
ويرى الخبير الاقتصادي ياسر العبيد أن هنالك أزمة حقيقية في إدارة الجانب المالي بالبلاد.
وأشار في حديثه إلى اعتماد الدولة على الجبايات والرسوم، لتغذية الإيرادات العامة بعد توقف المنح والمساعدات الدولية.
ومنذ إجراءات البرهان في 25 أكتوبر 2021م، توقفت المنح والمساعدات من الدول المانحة للضغط على الخرطوم لعودة الحكومة المدنية.
ولفت العبيد إلى أن السودان نفذ كل اشتراطات البنك الدولي بحذافيرها، ولكن البنك لم يقدم أية منح، وهنالك دول كثيرة من دول الربيع العربي تم منحها 8 مليارات دولار وأكثر بدون شروط.
“الجهة المسؤولة عن الموازنة العامة للدولة هي وزارة المالية، ولا بد أن تخلق توازناً والعمل على حشد الموارد”.
وزاد: “وزارة الداخلية غير مسؤولة عن زيادات الرسوم في استخراج الأوراق الثبوتية.. المواطن قد خرج من ضغوط كبيرة بعد رفع الدعم عن المحروقات والخبز والزيادات الكبيرة في الضرائب”.
ولا يملك السودان أية خطط اقتصادية واضحة منذ قيام الثورة.
في المقابل، وصف الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي، عاصم إسماعيل الوضع السياسي بالسودان بغير الطبيعي.
وأكد على أن الأجواء السياسية العامة بالبلاد، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالشأن الاقتصادي وعلى وجه الخصوص الموازنة العامة للدولة.
وأشار إسماعيل في حديثه، إلى عدم وجود حكومة رسمية، “لجهة أن الذين يتولون العمل التنفيذي بالوزارات الآن هم مكلفين حتى مجلس الوزراء مكلف وليس حكومة معينة”.
وقال: “من الطبيعي أن لا تكون هنالك موازنة بالمعنى المتعارف عليه في السنوات السابقة.. بسبب الارتباك الذي تعيشه الحكومة الحالية”.
“حتى لو أجيزت موازنة سواء كان من المكلفين من مجلس الوزراء، أو من القطاع الاقتصادي، فإن ذلك كله مرهون بتكوين حكومة جديدة مما يعرقل عملية إجازة الموازنة” أضاف إسماعيل، وقال: “موازنة العام الماضي لم تعمل بها الحكومة، بل عملت بمبدأ الإيرادات الفعلية الشهرية والإنفاق بناء عليها”.
وقال: “عدم التوصل لاتفاق بين المكونات السياسية بالسودان، وتكوين حكومة لفترة انتقالية تعمل جاهدة على مسألة الموازنة، سيفاقم الأمور”.
إلى حين ذلك “ستظل وزارة المالية تفرض رسوماً على المواطنين وتمارس التضييق المعيشي، لجهة أن كل الإيرادات الموجودة بالدولة توقفت لعدم وجود إيرادات بالخزانة العامة”.