تقارير

طبيب البشير .. جوبلز السوداني

الخرطوم : انتقال

يُمثل طارق الهادي كجاب ، وهو عميدٌ بالقوات المسلحة نموذجاً لما عُرف في الأنظمة الشمولية بالمفوض السياسي أو الضابط السياسي وهو ضابطٌ مشرف على التثقيف السياسي ويُسمى بالتوجيه المعنوي في السودان وبث رسائل سياسية تقوم على الفكرة الايدلوجي للنظام بهدف السيطرة السياسية على الجيش .
الضابط السياسي
يُعرف أيضاً في نماذج شموليةٍ وديكتاتوريةٍ أخرى بإسم ” ضابط الحرب ” ، طارق الهادي وهو في الأصل طبيبٌ متخصص في الأمراض الصدرية إلتحق بالجيش من تنظيم الحركة الإسلامية وحزبه المؤتمر الوطني المحلول وتحصل على رتبتهِ ضمن خططِ الإسلاميين للسيطرة على القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والعسكرية عند توليهم السلطة بإنقلابٍ عسكري في 30 يونيو 1989 وتخرج في كلية الطب بجامعة أمدرمان الإسلامية في تسعينات القرن الماضي ، وعمل طبيباً للرئيس المخلوع عمر البشير لسنوات وبعد سقوط نظام الإسلاميين احتفظ بموقعهِ ضابطاً بالقوات المسلحة إلى جانب عملهِ كطبيب ووظيفةٍ في مجلس التخصصات الطبية مسؤولاً عن طب الطوارئ قبل أن يتم اجراءٍ تغييراتٍ في الهياكل التنفيذية ومؤسسات الدولة عقب ثورة ديسمبر المجيدة ، كان طارق الهادي أحد أئمة المساجد بضاحيةِ توتي وظل خطبه محل جدلٍ مستمر بسبب تركيزهِ على آراء سياسية داعمة لنظام المؤتمر الوطني المحلول .
عضو بالحزب المحلول
تحصل طارق الهادي على وظيفتهِ بمجلس التخصصات الطبية بمساعدةٍ سياسية من الإسلاميين وعلى رأسهم وزير الصحة الأسبق بولاية الخرطوم ومالك جامعة العلوم الطبية ومستشفى الزيتونة ” مأمون حميدة ” والذي اتهم واشتهر بقضايا فسادٍ كبيرة أثبتتها تحقيقات “لجنة تفكيك نظام 30 يونيو واسترداد الأموال العامة ” وتم استرداد المستشفى الأكاديمي بالخرطوم منه ضمن قرارات لجنة التفكيك في 2020 ، صعد طارق الهادي عسكرياً وسياسياً إلى مناصب مختلفةٍ لكونه أحد أعضاء حزب المؤتمر الوطني المحلول ، وهو ماضمن له وظيفة طبيبٍ للرئيس وظل يرافقه في سفرياتهِ الداخلية والخارجية ويقوم بدور الدعايةِ الحزبية والسياسية سواء للبشير نفسه أو للإسلاميين .
التحريض على الأطباء
يحتفظ الأطباء السودانيين في ذاكرتهم بكثيرٍ من المواقف والآراء التحريضية التي تبناها طارق الهادي ضد الأطباء ، بصفتهِ طبيباً وبصفتهِ السياسية ، حيث كان أحد المحرضين ضد اضراب الأطباء الشهير في سنة 2010 المطلبي واسهم بصورةٍ كبيرة في مد الأجهزة الأمنية بقوائم أسماء الأطباء المُضربين وجرى اعتقال العشرات من الأطباء نتيجة ذلك ، إضافةً إلى مواقفه بعد انتفاضة سبتمبر 2013 والعصيان المدني في 2016 بسبب زيادة أسعار الدواء والخدمات العلاجية وظل يتخذ آراء تحريضية ضد المطالبين بالحقوق أدت إلى اعتقالاتٍ لكثيرٍ من الأطباء وإلى فصل اخرين من العمل وتشريدهم .
طيلة فترة الثورة التي سبقت سقوط نظام البشير في 11 أبريل 2019 ، كان طارق الهادي يهاجم الثوار السلميين والقوى السياسية والمدنية التي قادت الحراك السلمي الذي اسقط المؤتمر الوطني المحلول ، وشهدت تلك الفترة تعرض كثيرٍ من الأطباء والمستشفيات لانتهاكاتٍ من الأجهزة الأمنية والشرطة واطلاق الغاز المسيل للدموع تجاهها ، ففي يناير 2019 اقتحمت قوات هيئة العمليات وجهاز المخابرات والأمن الوطني وقوات الشرطة كل من مستشفى أمدرمان التعليمي ومستشفى رويال كير أثناء تقديم الأطباء العلاج لمصابي المظاهرات السلمية ، واتخذ العميد طارق حينها مواقف مؤيدة لهذه الانتهاكات بصورةٍ واضحة من خلال منشوراتٍ على حسابه بفيسبوك .

الوقوف ضد الثورة

عقب سقوط نظام البشير – والذي كان طارق الهادي طبيبه الشخصي – ظل يعمل ضمن مجموعاتٍ من الضباط الإسلاميين ومنسوبي المؤتمر الوطني المحلول وكان مؤيداً لفض اعتصام القيادة العامة ، ووفق لمعلوماتٍ تحصلت عليها ” انتقال ” فإن طارق الهادي كان ضمن مجموعةٍ من الضباط الإسلاميين داخل القوات المسلحة والذين دعوا إلى فض الاعتصام من أجل عودة نظامهم قبل أن يتوصل المدنيون إلى إتفاقٍ مع العسكر يفضي إلى واقعٍ سياسي جديد يُفكك تمكين الإسلاميين داخل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية .

أبوهاجة ..الحوري

السير في طريق التحريض والدعوات للإنقلاب على الفترة الانتقالية كان هي أبرز النقاط التي يعمل عليها طارق الهادي ، وظل يدعو على الدوام لإنقلاب العسكريين على السلطة المدنية ، وأفادت مصادر عسكرية لـ ” انتقال ” أن طارق الهادي ظل على تنسيقٍ مستمر مع كلٍ من الطاهر أبوهاجة المستشار الإعلامي السابق للقائد العام للقوات المسلحة عبدالفتاح البرهان وإبراهيم الحوري الذي كان يتولى منصب رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة ، ويربط بين الضباط الثلاثة أن تعيينهم كضباط بالقوات المسلحة جرى في فترةٍ زمنيةٍ واحدة بصفتهم ” فنيين” تم استعيابهم على أساس الشهادات الجامعية وقبولهم ضمن خطط الإسلاميين للتمكين داخل الجيش وسيطرتهم على مفاصله .

حرب 15 أبريل

مع بدايةِ حرب 15 أبريل والتي اشعلها الإسلاميون لقطع الطريق على اكتمال العملية السياسية وتوقيع الاتفاق النهائي بدأ طارق الهادي في لعب دور الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة من داخل السلاح الطبي بأمدرمان ، وعلى الدوام ظل يظهر في منصات مواقع التواصل الاجتماعي على ” فيسبوك وتيك توك ” عبر بثٍ مباشر ونشر تسجيلاتٍ لخطبِ الجمعة يتحدث فيها ، معتمداً على خطابٍ جهوي وعنصري وآراءٍ ظلت تدور على بث خطاب الكراهية والتحريض بين المجتمعات المحلية والطوائف الدينية واستهداف شخصياتٍ أو مجموعاتٍ اجتماعية بعينها بغرض استمرار الحرب .طارق الهادي

التضليل الإعلامي
إضافةً إلى ذلك ظل يقدم معلومات وأخبار وصفها المراقبون أنها مضللة وكاذبة عن سير العمليات الحربية علاوةً على وقوعه في فخ إشاعات وأخبار غير حقيقية وإعادة نشرها ، وسخر عددٌ كبير من متابعي مواقع التواصل الاجتماعي من منشورٍ نشره في أكتوبر الماضي طالب فيه بمساعدته في العثور على سيارتهِ التي نهبت من منزله ، حيث نشر صورة السيارة ورقمها وشهادة ملكيتها .

كما أثارت الخطب التي يتحدث فيها من مسجد السلاح الطبي كل يوم جمعة سخرية متابيعها والتي تضمنت آراء متناقضة وتشبيهاتٍ تحط من قدر الاخرين واعتبروا أن استمراره في هذا الخطاب والآراء يعكس عدم توزانٍ وتعرضهِ لإضطراباتٍ نفسية لوجوده داخل السلاح الطبي منذ بداية الحرب وتأثره بضغطٍ نفسي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى