تقاريررياضة

أبريل.. رمزية سياسية ورياضية تتشكل مجدداً..

في نفس اليوم: ينتظر السودانيون فعاليات التوقيع على الاتفاق النهائي للعملية السياسية ومباراة الهلال والأهلي المصري

 

 انتقال – حسام عبد الوهاب

يرتبط شهر أبريل أكثر في أذهان السودانيين دون استثناء بأحداث تأريخية متعددة ومختلفة في مناسباتها، ولكنها على الدوام كانت ذات ارتباط وثيق بالسياسة على وجه التحديد، مثل أبريل 1985م، العام الذي شهد سقوط نظام النميري بثورة شعبية وانتفاضة للأحزاب السياسية والنقابات، وكذلك سقوط نظام البشير والمؤتمر الوطني المحلول بثورةٍ شعبية امتدت منذ ديسمبر 2018 واستمرت بموكب 6 أبريل 2019 الذي نتج عنه اعتصام القيادة العامة وأنهى نظام البشير.

يتجدد ارتباط شهر أبريل مجدداً عند السودانيين بأبرز حدثٍ سياسي لإنهاء انقلاب 25 أكتوبر عبر المرحلة النهائية للعملية السياسية، والتي أقرت توقيع الاتفاق النهائي في 1 أبريل وتوقيع الدستور الانتقالي ليكون نافذاً في 6 أبريل وإعلان هياكل السلطة المدنية الانتقالية في 11 أبريل.

مباراة الهلال

وداخل سياق الأحداث في شهر أبريل يدخل نادي الهلال كطرف أساسي وهو يخوض مباراةٍ صعبة أمام الأهلي المصري ضمن آخر جولات المجموعة الثانية بدوري أبطال إفريقيا  في ذات يوم توقيع الاتفاق السياسي، الأول من أبريل، ليكون الحدثان أبرز ما يشغل أذهان السياسيين والرياضيين وينتظرون كتابةِ فصلٍ جديد من فصول أحداث شهر أبريل. ويفصل الهلال عن بلوغ هدفه تحقيق الفوز والتغلب على الحرب الإعلامية واستغلال النفوذ السياسي والرياضي الذي يستخدمه الأهلي المصري للصعود على حساب الهلال.

شهداء رمضان

ومع ارتباط شهر أبريل دائماً بنجاح الثورات الشعبية وتحقيق السودانيين لتطلعاتهم، ولكن في أيضاً حدثت فيه أحداثٌ مهمة ذات صلة أيضاً بمقاومةِ نظام البشير والإسلاميين في بداياتهِ، وهي أحداث ذات تأثيرٍ سياسي وعسكري وأصبحت قضايا سياسية وملفات ضمن ملفات العدالة والعدالة الانتقالية.

ففي 23 أبريل 1990م، قامت مجموعة من الضباط أبرزهم  اللواء حسين عبد القادر الكدرو والعميد طيار محمد عثمان كرار بمحاولة إسقاط نظام الإنقاذ الذي كان في بداياته بالقوة العسكرية، ولكن تمت السيطرة عليهم بعد الوشاية بهم وتم القبض عليهم ومحاكمتهم بسرعة وإعدامهم فيما عُرف بقضيةِ شهداء رمضان، والذين تم إعدامهم قبيل عيد الفطر بيومين فقط وهو ما عد تجاوزاً دينياً لدى كثير من السودانيين طيلة سنوات عديدة.

وذات الفترة، بل ذات الشهر والسنة شهدت اعتقال الطبيب الشهيد علي فضل والذي تعرض للتعذيب في سجون نظام الإسلاميين لتعلن وفاته نتيجة التعذيب  في 21 أبريل  1990م. كل هذه الأحداث وضعت سياقاً اجتماعياً وسياسياً ما زالت آثاره ماثلةً في الذاكرة السياسية والاجتماعية.

أبريل.. رمضان

وتبدو المصادفة أن بعض هذه الأحداث يتصادف أن تكون متداخلةً مع شهر رمضان مثل قضيةِ شهداء رمضان، وحالياً توقيع الاتفاق النهائي والدستور الانتقالي وإعلان الحكومة الانتقالية ومباراة الهلال أمام الأهلي القاهري.

الصحفي والمحلل السياسي أحمد خليل قال لـ “انتقال”، إن ارتباط شهر أبريل بأحداثٍ سياسية كبيرة قد لا يكون مرتباً بأي حال، ولكن الأمر ذو ارتباط بالعمل السياسي والاستمرار في مقاومة الأنظمة الشمولية من الشعب وعلى رأس ذلك الأحزاب السياسية والنقابات، مضيفاً: “ثورة أبريل 1985م، كانت ملهمةً للغاية لذلك ظلت الأكثر تأثيراً في أذهان السودانيين خاصةً الأجيال التي ظلت تقاوم نظام البشير حتى إسقاطهِ في أبريل 2019م”.

وأضاف: “ومن الواضح أيضاً أن لشهر أبريل شأناً عظيماً، لذلك سيشهد إنهاء أحد الانقلابات العسكرية وهو انقلاب 25 أكتوبر من خلال توقيع الاتفاق النهائي في أول أيامه والتوقيع على الدستور الانتقالي في 6 أبريل وإعلان هياكل السلطة المدنية، ومن المؤكد أن العملية السياسية أخذت وقتاً كافياً من خلال الورش والمؤتمرات التي ناقشت القضايا الخمس التفصيلية لتضمن ضمن الاتفاق والدستور الانتقالي وبرنامج عمل الحكومة الانتقالية المقبلة”.

وأشار أحمد خليل إلى أن شهر أبريل يعد شهراً محورياً في التاريخ السياسي السوداني، ويضاف إليه أداء الهلال لمباراةٍ مهمة ما سيجعل الرأي العام منشغلاً سياسياً ورياضياً بهذه الأحداث.

معسكر العيلفون

ناقش مؤتمر العدالة والعدالة الانتقالية ضمن القضايا الخمس التفصيلية في المرحلة النهائية للعملية السياسية قضايا وملفات انتهاكاتٍ وجرائم عديدة حصلت في فترةِ نظام البشير والإسلاميين المخلوع، ومن ضمن القضايا التي ناقشها هي مجزرةُ “معسكر العيلفون”، والذي كان معسكراً للتجنيد القسري، حيث أطلقت قوات النظام المخلوع النار على الطلاب المجندين في 2 أبريل 1998م عشية عيد الأضحى وراح ضحيتها 177 طالباً منهم، هذه القضية كانت ذات تأثيرٍ اجتماعي وديني أيضاً مثل قضيةِ شهداء رمضان.

محمد عز الدين عبد الرحيم رئيس المكتب القانوني وحقوق الإنسان بالحركة الشعبية لتحرير السودان التيار الثوري أكد لـ “انتقال”، أن الجرائم مثل جريمة “معسكر العيلفون” هي من الجرائم التي لا تسقط بالتقادم مطلقاً، لأنها تتعلق بالحق الخاص ولا بد من أن التحقيق فيها واعتراف الجناة واستيفاء الحق الخاص عبر المحاكمات العادلة، ومن ثم جبر ضرر ذوي الضحايا، وبالتالي فإن العملية السياسية وهي تمضي في مرحلتها النهائية ستضع ملف العدالة والعدالة الانتقالية في أولى مهام الحكومة المقبلة حتى يحصل تعافٍ اجتماعي يعيد اللحمة الوطنية وينهي خطاب الكراهية وتنامي النزاعات الأهلية والمجتمعية.

وأضاف: “هذا الحدث المؤسف صادف شهر أبريل، ولهذا الشهر رمزية سياسية عظيمة  للغاية لذلك يرتبط مجدداً حالياً بمواقيت سياسية تأريخية ذات ارتباط وثيق بالذاكرة السودانية وهو ما يجعله شهراً ذا مكانةٍ في نفوس السودانيين”.

مباراة الهلال

جمهور الهلال في حالةِ نقاشٍ دائم ومستفيض على مواقع التواصل الاجتماعي حول مباراة فريقهم مع الأهلي المصري بالقاهرة في 1 أبريل المقبل، والذي يُصادف توقيع الاتفاق النهائي، حيث ينتظرون خبراً سعيداً بتأهل الفريق يُضاف إلى أخبار تُعبر عن تغيير حقيقي في المشهد السياسي وإنهاء الانقلاب وتكوين سلطةٍ مدنية كاملة تلبي تطلعات الشعب السوداني.

ومع حدةِ ما يحيط بمباراة الهلال والأهلي المصري في القاهرة والتي يجيش الفريق المصري نفوذه السياسي والرياضي لكسبها خارج الملعب، يسعى الهلال لتحدي هذه الظروف وتقديم خطابٍ للاتحاد الإفريقي لكرة القدم معترضاً على عدم تطبيق لوائح وبنود المنافسات الإفريقية والدولية، بمنحه العدد المنصوص عليه والمسموح به للجمهور وهو 5% من السعة الاستيعابية للملعب، وفي الوقت الذي تحصل فيه الأهلي على 50 ألف مقعدٍ للضغط على الهلال جماهيرياً. نادي الهلال ذكّر الاتحاد الإفريقي بأن تجاهل خطاباتهِ سيضطره للتوجه إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، خاصةً في ظل عدم وضوح الرؤية بمنحهِ حقوقه في المران الختامي على أرضية ملعب المباراة.

ووفقاً لمحللين رياضيين، فإن ثمة مهدداتٍ أمنية تحيط بالمباراة في ظل حالة الاستقطاب والخطاب العنيف ضد فريق الهلال من قبل جمهور الأهلي وهو ما ضمنه مجلس إدارة نادي الهلال في خطابه إلى الاتحاد الإفريقي.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى