رأي

رسالة في بريد ورشة الإصلاح الأمني ..إعادة بناء الثقة بين الأجهزة الأمنية والجمهور

عميد شرطة (م) عمر محمد عثمان

في الطريق ما بين التوقيع على الاتفاق الإطاري والتوقيع على الاتفاق النهائي المرتقب، هناك خمس محطات رأت قوى الحرية والتغيير أنها محطات ضرورية يجب التوقف عندها، عبر عقد خمس ورش متخصصة، عُقِدت منها حتى الآن ورشة واحدة متعلقة بتفكيك التمكين، ولا تزال هناك أربع ورش لم تُعقد بعد، من بينها ورشة الإصلاح الأمني، وهي ورشة تحظى بأهمية كبرى للعديد من الأسباب.

حتى الآن لا تتوفر أي معلومات تفصيلية عن الورشة أو الأوراق المقدمة فيها، ومقدمي تلك الأوراق. وحسب تقديري أتوقع ان يتم تقديم العديد من الأوراق القيّمة التي تعكس حجم التحدي الماثل فيما يلي مسألة الإصلاح الأمني. مشاركة الجهات الأمنية عبر ممثلين لها ستكون قيمة مضافة إلى الورشة، فهذه نافذة لحوار صحي في الهواء الطلق؛ فكما تريد القوى السياسية أن تستمع الجهات الأمنية لوجهة نظرها، يصبح من الواجب أيضاً أن تُتاح للجهات الأمنية وبشكل رسمي فرصة للتعبير عن أنفسهم ورؤيتهم للإصلاح من وجهة نظرهم، وبما لا يخل بمبدأ الطبيعة السرية والخصوصية لبعض الملفات الأمنية، وبذلك يمكن أن تخرج الورشة بتوصيات موضوعية واقعية وفعالة.

كذلك من الضروري جداً، أن تكون من بين الأوراق المقدمة ورقة عن “إعادة بناء الثقة بين الأجهزة الأمنية والجمهور”، وإحدى مشكلاتنا في السودان أنه لا توجد لدينا مراكز بحث مستقلة تنهض بعمليات استطلاع وقياس الرأي العام بشكل علمي ومنهجي دقيق. بالتالي نعتمد دائماً على اتجاهات الرأي العام في السوشيال ميديا أو من خلال المشاهدات اليومية والتواصل الاجتماعي لتشكيل الحقائق بشكل غير دقيق. ووفقاً لهذا المنهج غير العلمي نخلص إلى نتيجة أن هناك حالة من ضعف أو تراجع الثقة بشكل كبير بين الأجهزة الأمنية والجمهور.

إصلاح الأجهزة الأمنية عملية لا يمكن أن يتم بمعزل عن جمهورها، وبالتالي لا بد أولاً من إجراء استطلاع للرأي وقياسه بشكل علمي، بالشكل الذي يتيح لنا الوقوف على حجم التحدي، ودوماً ما أستشهد بالتجربة الجورجية عندما قامت وزيرة الداخلية الجورجية بقياس نسبة الرضا عن الشرطة فوجدتها في حدود 2.3%، وتمكنت من رفعها إلى 87% خلال خمس سنوات، بالتالي مهما كانت النسبة التي سنحصل عليها متدنية يجب أن لا يكون ذلك سبباً لليأس أو الإحباط، بل على العكس يجب أن يكون في ذلك دافع لمزيد من البذل والعطاء والنظر إلى تلك النتائج باعتبارها فجوات تحتاج إلى تحليل يمكن الأجهزة الأمنية من أن تعرف بدقة أين تقف وماذا يحيط بها، ومن ثم يمكنها القيام بعمليات التخطيط الاستراتيجي بشكل صحيح، حتى يتسني لها التقدم للأمام وفق أسس وخارطة طريق واضحة المعالم وأهداف محددة. ثانياً لا بد من إجراءات لإعادة بناء الثقة تتضمن كثيراً من التفاصيل يمكن استعراضها عبر الورقة، ويقع عبء الالتزام بهذه الإجراءات على الطرفين: الأجهزة الأمنية والجمهور، ومن بينها فرض سيادة حكم القانون وإرساء ثقافة المساءلة والمحاسبة ونزع فتيل العداء ليحل محله الاحترام والتقدير المُتبادل، وفي سبيل ذلك على الأجهزة الأمنية أن تبذل مزيداً من الجهد في سبيل الاقتراب من الجمهور أكثر وعلى الجمهور أن يتحرك تجاهها خطوات أكثر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى