عطبرة – انتقال
جريمة كبرى، ارتكبت بحق الشعب السوداني، و بنيته التحتية، التي دفع فيها من ماله وجهده وعرقه، فأحترقت بيسر و تساهل في حرب عبثية دمرت البلاد، بلا طائل، و اليوم يأتي حرق مصفاة الجيلي للنفط، ليمثل كارثة جديدة تضاف الى جرائم الحرب ضد البلاد ومقدراتها.
تبادل طرفا النزاع الاتهام بتدمير المصفاة، في حادثة مكررة و متجددة، وسط أعلام الحرب، الذي دائماً ما كانت الحقيقة ضحيته الأولى، لكن المؤكد أن الخسارة التي حلت بالبلاد و ذهاب جل بنيتها التحتية أدراج القصف الجوي والتدوين العشوائي، هو الحقيقة الأكثر وضوحاً.
ملكية خاصة.. و إعلام “للنفي”
مكتب الناطق الرسمي بسام الجيش السوداني أصدر بياناً، عقب إعلان قوات الدعم السريع لقصف الجيش للمصفاة، قال فيه ” بعد أن فشلت في تحقيق أهدافها الانقلابية بالإستيلاء على السلطة في صبيحة ١٥ أبريل ٢٠٢٣م وتحويل البلاد إلى ملكية خاصة، تسببت المليشيا المتمردة بحدوث حريق ببعض مرافق مصفاة الخرطوم بالجيلي نتيجة لاقدامها على تدمير وحدات التحكم بالمصفاة ، وم ثم المبادرة باصدار بيان لن ينطلي على فطنة شعبنا في محاولة لإلصاق جريمتها النكراء بالقوات المسلحة السودانية التي يمنعها ولاءها الوطني وعقيدتها الراسخة من الاقدام على مثل هذا السلوك البربري وتدمير مقدراتنا الوطنية”.
وهي عادة أضحت –حسب قول صحفي طلب حجب اسمه- راسخة لدى الجيش، بإصدار بيانات نفي عقب اعلانات الدعم السريع باستهداف القصف الجوي لمنشأة ما، و محاولة من اعلام الجيش لطمس الحقائق، و وضع الحقيقة في خانة التشكيك لتضيع معالمها، لافتاً الى أن الضعف الاعلامي و تحول اعلام الجيش الرسمي الى منصة نفي دون مبادرة أولية في كشف الحقيقة، يؤكد أن الاعلام الرسمي للقوات المسلحة يعاني من أزمة مستفحلة، فقد ترك مهمة تنوير الشعب بما يحدث، لمجموعة “معجبين” مناصرين للحرب، جلهم ممن عرف بعدم المهنية، و تتبع العاطفة بعيداً عن كشف الحقائق كما هي، باعتبارها الوظيفة الرئيسية للصحفي المهني المحترف.
تدمير ممنهج للمنشآت العامة
بدوره بادر إعلام قوات الدعم السريع بإيضاح ما حدث في مصفاة الجيلي، وفق زاوية رؤيته، و قال في بيان “قصف طيران مليشيا البرهان وفلول النظام البائد الإرهابية فجر الأربعاء وللمرة الرابعة مصفاة الجيلي للبترول شمال مدينة بحري بولاية الخرطوم مما تسبب في تدميرها بالكامل، إن عمليات التدمير الممنهج للمنشآت العامة والبنية التحتية الحيوية تؤكد وبشكل قاطع أن هذه الطغمة الفاسدة تستهدف في المقام الأول الشعب السوداني في مقدراته وممتلكاته” و زاد البيان قائلاً ” إننا ندين وبأشد العبارات التصرفات البربرية التي ظل ينتهجها الفلول وأعوانهم والتي تخالف كافة القوانين الدولية بما في ذلك اتفاقيات جنيف وإعلان جدة، وتعبر صراحة عن أخلاقيات هذه العصابة التي حكمت شعبنا لثلاثين عاما بالظلم والاضطهاد”.
خسارة مليارات الدولارات
بين بيان الدعم السريع، و ما تلاه من نفي لمكتب الناطق الرسمي باسم الجيش، و الصاق التهمة من كل طرف بالآخر، لا تضيع الحقيقة فحسب، بل ضاعت تحت نير الحرب العبثية، منشآت مدنية سودانية، بنتها الدولة من دافع الضرائب، ومن موارد الشعب السوداني، بمليارات الدولارات، لتأتي الحرب و تدمر كل هذه الممتلكات الضخمة، ويؤكد الخبير الاقتصادي عبد العظيم الأموي لـ”انتقال” ان تكلفة مصفاة الجيلي تقارب الستة مليارات دولار، وقال بأن انتاج المصفاة يغطي 33 % من الاستهلاك المحلي للبلاد، مما سيؤثر في الامداد بشكل واسع .
لتضاف هذه الجريمة الكبرى لجرائم أخرى كانت نتيجتها تدمير البنية التحتية المملوكة للشعب السوداني، والتي لم يساهم طرفا القتال في اقامتها ولو “بفلس واحد” فكل اموال الإنشاء دفعها الشعب السوداني من موارده وضرائبه، و لم يساهم العسكر الا في تخريبها و تحطيمها بقرارات متسرعة طائشة، بمثلما حدث في جسر شمبات و مباني الوزارات ومنازل المدنيين، ما يستوجب محاسبة صارمة على من اشعل الحرب ومن يسعى لاستمرارها دوناً عن رغبة ملايين السودانيين.
…