اقتصاد

مصر في أزمة .. عملة على حافة الإنهيار و أضرار اقتصادية جسيمة

شح في النقد الأجنبي ومنع خروج الذهب من البلاد و مطالبات دولية بالتقشف

الخرطوم – انتقال

 أرجأ البنك المركزي المصري اجتماعاً نهاية الأسبوع الماضي كان يعتزم فيه إصدار قرار برفع قيمة الفائدة لـ 20%. وأشارت مصادر اقتصادية في القاهرة، إلى أن البنك المركزي تراجع عن هذه الخطوة في الوقت الحالي لعدم جدواها الاقتصادية في ظل تسارع انهيار الجنيه المصري مقابل الدولار واليورو.

وأعلنت الحكومة المصرية في مطلع نوفمبر الماضي تحرير صرف الجنيه المصري مقابل العملات الأخرى، على الرغم من مطالبات صندوق النقد الدولي لمصر بالتحرير الكامل. واتجه البنك المركزي المصري لترك تحديد سعر الصرف للعرض والطلب والقوى الشرائية في البنوك والصرافات المعتمدة في البلاد.

تغريدة صندوق النقد الدولي – وكالات

أضرار اقتصادية جسيمة

وانتقد محللون اقتصاديون في مصر هذا التوجه، معتبرين أن التحرير الكامل سيؤدي إلى أضرار جسيمة بالسوق المصرية لاعتمادها على الاستيراد وتكدس البضائع في الموانئ المصرية خاصة ميناءي العين السخنة والسويس وبورسعيد وضعف الحركة التجارية في ميناء الإسكندرية. وذكر محلل اقتصادي بشركةِ “بايونيرز” في تصريحاتٍ صحفية لموقع “العربية نت” أن المستثمرين والأجانب منهم على وجه التحديد، بحاجة إلى أسعار صرف مستقرة للعملة للعمل في السوق المصرية والاستثمار في قطاعات مختلفة، وأشار في المقابلة التي أجريت معه إلى أن مصر تعاني من أزمة حقيقية في توفير العملات الأجنبية ومنها الدولار لتلبية حاجة السوق، وأن تأثيرات ذلك ستجعل الصناديق الدولية تعمل على فرض شروط لتحرير كلي للاقتصاد وأسعار الصرف.

وألغت مصر خلال الشهرين الماضيين مبادرات التمويل ذات الفائدة المنخفضة وأوقفت التمويل البنكي للمشاريع الصغيرة والاستثمارات الانتاجية ونُقل كثير منها إلى وزارة المالية المصرية إضافة إلى تحرير سعر الصرف ورفع الفائدة للحصول على موافقة صندوق النقد الدولي لتمويل جديد بقيمة 3 مليارات دولار لإجراء الإصلاحات الاقتصادية.

تعدد سعر الصرف

وأدت الإجراءات الاقتصادية بتحرير سعر الصرف إلى تعدد السعر، حيث يبلغ سعر صرف الدولار في البنك المركزي  24.6 جنيهاً مصرياً بينما يبلغ في السوق الموازي أكثر من 40.35 جنيه، وهو ما يخالف شروط المؤسسات الدولية واعتماد تحرير سعر الصرف بالكامل.

وأشارت توقعات مصرفيين واقتصاديين في مصر، إلى أن سعر الصرف في البنك المركزي قد يصل نحو 30 جنيهاً بداية يناير المقبل و50 جنيهاً في السوق الموازي، وهو ما يؤدي إلى حصول تضخم وصعوبات اقتصادية تواجه المواطنين المصريين خاصة ذوي الدخل المتوسط والمنخفض، وتراجع الاستثمارات المحلية مع توجه الحكومة المصرية لإيقاف التمويل البنكي للمشاريع الإنتاجية المنخفضة الفائدة مما يعني توقف العديد من المنتجين المحليين وأصحاب المصانع والمشاريع الإنتاجية الصغيرة، وهي التي يعتمد عليها السوق المصري محلياً.

شح النقد الأجنبي

ويعاني البنك المركزي المصري والسوق المصرية من شح النقد الأجنبي لتغطية الاعتمادات وفاتورة الاستيراد التي تصل لـ 20 مليون دولار. وتوقفت البنوك المصرية عن السماح للراغبين في شراء النقد الأجنبي وانخفاض معدل تحويلات المغتربين المصريين الذين اتجهوا للسوق الموازي للاستفادة من فروقات السعر التي تتجاوز الـ 50%.

ويبلغ السعر الحقيقي للدولار مقابل الجنيه المصري بحسب تقديرات اقتصادية مصرية 38.5 جنيه، وهو يجعل تحويلات المغتربين المصريين تتراجع بشكل كبير منذ نوفمبر الماضي.

جمارك الذهب في مصر-وكالات

تقييد خروج الذهب

واتجهت السلطات المصرية لمنع خروج الذهب عبر المنافذ الجوية والبرية أيضاً للحفاظ على الاحتياطات النقدية وقيمة الجنيه. وأصدرت لوائح تقضي بعدم خروج الحلى والمجوهرات إلا للاستعمال الشخصي حسب تصنيف الأوضاع الاقتصادية للسيدات بالتحديد عند السفر. وأصدرت جمارك الذهب قرارات تقضي بالسماح بخروج الذهب المشغول بما قيمته 10 آلاف جنيه مصري ودفع رسوم تبلغ 24% على أي زيادة عن ذلك و10% إضافية تدفع باعتبارها رسوم جمركية. وجاء التوقيع على هذه القرارات من قبل مدير عام جمارك الذهب في مصر “ماجد موسى”.

ويبلغ سعر جرام الذهب عيار 21 في السوق المصرية 1860 جنيهاً، ويبلغ في الأسواق العالمية 52.25 دولار، وبتحويل فرق السعر يتضح أن سعر الدولار في مصر يساوي 38.6 جنيه مصري، مما يعني وجود تشوهات في الاقتصاد المصري ستؤدي في نهاية الأمر إلى التحرير الكامل وخفض قيمة العملة للحصول على المساعدات والتمويل الدولي.

وطلبت الصناديق الدولية من مصر تصفية الشركات الحكومية وإصلاح سعر الصرف للحصول على ضمانات للدعم بما قيمته 347 مليون دولار ضمن برنامج تقشف مدته 46 شهراً.

خلل اقتصادي

وتعاني مصر من أزمة اقتصادية منذ العام 2019 رغم وضع الحكومة والسلطات المختصة ضبط سعر الصرف والسيطرة على الكتلة النقدية والنقد الأجنبي من خلال تحريره جزئياً.

الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية “أحمد خليل”، أوضح لـ “انتقال”، أن وجود سعرين للصرف يعبر بصورة واضحة عن وجود اختلال في النظام المالي والنقدي للدولة بأي حال، ويحول العملة مثل الدولار إلى سلعة ويؤثر على حركة الاقتصاد والسوق المحلي، وفي الحالة المصرية فإن مصر تعتمد على استيراد المواد الخام وبالطبع لذلك تأثيرات على توفير النقد الأجنبي لتغطية ذلك ويعتمد على توفر الاحتياطات النقدية في البنوك المصرية.

وأشار “خليل” إلى أن مصر ما لم تمضِ في سياسة التحرير سيؤدي ذلك إلى نشاط تجارة العملة والسوق الموازي، واستدرك: “الحكومة المصرية ستمضي في هذه الاتجاه للسيطرة على النقد الأجنبي والوصول إلى مرحلة الإشباع النقدي وضبط السوق الموازي وتوحيد السعر كاملاً للحصول على فوائد اقتصادية آنياً ومستقبلاً”، وأوضح: “الاقتصاد المصري حال اللجوء لهذه الخطوات في وقت قصير سيتمكن من امتصاص الصدمة خاصةً مع حجم الصادرات المصرية للخارج خاصة دول أوروبا وحال تأخر ذلك قد يحدث انمكاش وركود وتضخم ولكنه سينتهي مع الوقت وقد تصل المدة إلى ستة أشهر وحتى سنة كاملة”.

وتوقع الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية أحمد خليل، لجوء الحكومة المصرية إلى اتخاذ خطوات تشجيعية للمصدرين والمستوردين تقضي بخفض تكاليف التصدير وتقديم حوافز في تقليل رسوم التصدير والاستيراد ومنحهم الأرباح عبر سياسات مالية منخفضة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى