تقارير

خفايا “البرنبة” و “هلاوس” الإدمان.. “الآيس” إنتشار مفزع

متعاطون يكشفون لـ"إنتقال" كيف يتحول متعاطي الكريستال ميث إلى موزع

الخرطوم- أحمد ود إشتياق- انتقال

مخدر الكريستال ميث “الآيس” او “الشَبو” له عديد من الأسماء و نتيجة  تعاطيه واحدة، وخطيرة، هي الإدمان والضياع وتقديم تنازلاتٌ للحصول على الجرعة أو الإضطرار لإرتكاب جريمة سرقة أو نهب أو حتى الإبتزاز للحصول على قدر يسير من المخدر، و حينها يتحول بعض المتعاطين إلى تجار و موزعين، لا لشئ إلا لضمان الحصول عليه .

الدخول إلى السودان

انتشر “الكريستال ميث” في العديد من الدول العربية ودول الجوار السوداني،  وأرهق السلطات المختصة في مكافحته، وصار هاجساً ومسبباً للصداع الأمني والإجتماعي في تلك  الدول، لارتباطه في كثير من الأحيان بالجريمة.

من تلك الدول، انتقل إلى السودان خلال الخمس سنواتٍ الماضية،  و أشارت مصادر في وزارة الداخلية السودانية لـ”انتقال” إلى أنه لا توجد إحصائياتٌ رسمية لهذا العام الجاري 2022 رغم تزايد التعاطي والاتجار، وأكدت أن الاحصائيات ستصدر لاحقاً في نهاية ديمسبر المقبل،  وقال المصدر لـ”انتقال”: خلصنا من مؤشرات التعامل ومتابعة الملف إلى أن الكريستال ميث هو الأكثر تعاطياً وإنتشاراً إلى جانب أنواع أخرى من المخدرات، ويدخل هذا المخدر الخطير إلى السودان عبر منافذ مختلفة بريةً وبحرية وجوية ولكن أغلب دخوله عبر ميناء بورتسودان حيث يتم نقله عبر حاوياتٍ تحت مظلةِ بضائع أو ضمن شحناتٍ قادمةٍ من وجهاتٍ دولية مختلفة .

في حديث  سابق لنائب مديرعام  الشرطة السوانية خلال مخاطبته الإحتفال باليوم العالمي لمكافحة المخدرات في يونيو من العام الجاري ذكر أن موقع السودان الجغرافي ساهم في انتشار المخدرات و ترويجها بإعتبار السودان دولة معبر  للإقليم .

التنازلات .. والأعراض

في حديثها لـ”انتقال” أوضحت الباحثة الاجتماعية رشا عبدالحفيظ أن تصنيع “الآيس” غير مكلف ولكن المفارقة أن الجرعة مرتفعة السعر للغاية، مشددة على أن المتعاطين ورغم ارتفاع السعر، إلا أنهم من  جميع الطبقات الاجتماعية، يتساوى في ذلك الفقير والغني، وأضافت رشا التي تعمل في مركزٍ لعلاج الأدمان: نحن  في المركز نقابل حالات أوضاعها الاقتصادية صعبة جداً ودائماً ما نتساءل كيف يتحصلون عليه؟، و اردفت “بالطبع هناك احتمالاتٌ عديدة لذلك.. في بعض الأحيان للحصول على المادة المخدرة لا تحتاج للمال ولكن تحتاج لعلاقات وتقديم خدمات لتحصل عليه وهذا الأمر يجعل موجة تصاعد  تعاطي الآيس المستمرة منذ أكثر من سنتين غير بريئة .

وحول إمكانية إخفاء التعاطي، عن المحيط الإجتماعي، ذكرت عبد الحفيظ أن: الشخص المتعاطي لأنواع المخدرات الأخرى يمكنه اخفاءها ولكن يستحيل إخفاء “الآيس” فمفعوله سريع ومشاكله سريعة والتدهور الصحي أسرع.

يخلف تعاطي مخدر الكريستال ميث أعراضاً عديدة وخطيرة، أبرزها النحافة الشديدة و الهلوسة وكثرة الأفكار الغريبة، إضافة الى عدم النوم لفترات طويلة ربما تصل لأيام، و يعتبر الحقن في الذراع أكثر طريقة للتعاطي، لذا تطلب مراكز كشف الإدمان من المشتبه في تعاطيهم المخدر إظهار وكشف أيديهم وأذرعهم لمعاينة مواقع الحقن.

مخاطر الإيدز وإلتهاب الكبد

تبرز مخاطر جمة جراء تعاطي المخدر، أولاها التعاطي في حد ذاته، علاوة على مخاطر أخرى أكدت عليها رشا عبدالحفيظ بالقول: ” بعيداً عن آثار  المخد ذاته، هنالك مخاطر للذين يتعاطون ” الآيس ” عبر الحَقن.. التساؤل دائماً هل يتأكدون من نظافتها ؟ وهل يتم مشاركتها مع آخرين ؟ بعضهم يأكدون مشاركتها مع غيرهم  والبعض ينفي، هذا الامر خطرجداً  ويعرض الشخص لمخاطر الأمراض المنقولة، لذلك عند حضور الشخص للمركز يتم إجراء الفحوصات الفيروسية له للتأكد من إلتهاب  الكبد الوبائي ومن فيروس الأيدز” .

لماذا المعاقبة وليس المعالجة؟

كثيرا ما يتم كيل الإتهامات لمتعاطي مخدر الآيس بالانجراف الى عالم الجريمة عقب الادمان مباشرة، وهو الاتهام الذي عضدته الباحث الاجتماعي رشا عبدالحفيظ لـ”انتقال” بالقول “نسمع دوماً أخبار عن قبض مرتكبي جرائم كانوا تحت تأثير ” الكريستال ميث” وسبب هذا الأمر أن مراكز مكافحة الإدمان في السودان لا تمتلك تنسيق مع الجهات العدلية والأمنية والشخص الذي يتم القبض عليه تتم معاقبته لا معالجته، وأيضاً قانون الصحة النفسية والعقلية لا يساعد” و كشفت عبد الحفيظ أن أعداد  المحتجزين من قبل الاجهزة الأمنية أكبر من الذين يتلقون العلاج  في مراكز علاج الإدمان  .

التعاطي وسط النساء

تشير الباحثة الاجتماعية رشا عبدالحفيظ لـ “انتقال” ان هنالك ضعف وعدم دقة  في الإحصائيات الرسمية، ولكن في المركز مثلاً اذا كنا نُشخص ثلاثة أشخاص في السنة خلال السنوات السابقة،  نحن حالياً  في الاسبوع الواحد نستقبل مالا يقل عن 7 حالات وهناك تزايد كبير في المتعاطيات من النساء، لكن من الجيد أن بعضهن يحضر  لتلقي العلاج .

“البرنبة”

المتعاطية السابقة ” س ن ” حكت لـ “انتقال ” قصتها مع “الآيس” وقالت: أنا جربت المخدر من باب الفضول ولوجودي وسط شلة تتعاطى بكثرة، كنت ألاحظ أن المخدر يعطي شعوراً بالعظمة وطاقة زائدة بدنياً وذهنياً ولبعض الزمن تشعر أنك في السماء” وزادت : أنا أخذت أربعة جرعات منها ثلاث جرعات عن طريق التدخين وواحدة بالحقن، وفي كل تجربة كنت أسرح بخيالي وأشعر بنشاط عالي وشعور مثالي، “الآيس” يجعلك  تتوقف عن الأكل لأيام  طويلة و تسهر بشكل مستمر، كنت أعوض ذلك عن طريق تناول السكريات خاصةً الشوكلاتة ، وتابعت لـ”انتقال” الهلاوس التي تاتي بعد الجرعات تسمى(برنبة) وتصيب المدمن بشعور بالشجاعة الكبيرة و النشاط للعمل ويمكن لحظتها فعل أي  شيء .

وأضافت ” س ن ” في أول  تجربة لي كان الجرام من المخدر  سعره 24 ألف جنيه سوداني  لأنه  كان يأتي  عبر أشخاص محددين، وكان تعاطيه محصوراً على أبناء الأغنياء ويستهدفون الفتيات وتحديداً الثريات للوصول عبرهن لمجتمعاتهن و إبتزازهن أيضاً، ولاحقاً أصبح يصنع محلياً و لينتشر التعاطي.

وحيال أسعار المخدر في الوقت الراهن، أكدن “س ن” أن سعر الجرام 12 ألف جنيه، وتوجد أنواع أخرى رديئة سعر الجرام منها يبلغ  6 ألف جنيه  وهو الأكثر إنتشاراً .

آثار كارثية لإدمان المخدرات- وكالات

 

قلق و فتور

متعاطي سابق، كشف لـ”انتقال” عن وضع خطير، في إستخدام إبر الحقن بين المتعاطين، علاوة على انتشار ظاهرة إستخدام الحقن القديمة.

وقال المتعاطي السابق ” أ ت ” لـ ” انتقال ” أن الجرعة تبدأ دائماً صغيرة ثم تتزايد مع الأيام وربما يصل الشخص لتعاطي جرام كامل في اليوم، و زاد ” ما لايعرفه الجميع أن الجرام الواحد يكفي لحقن 15 متعاط في آنٍ واحد”، مشيراً إلى أن غياب الجرعة يسبب القلق وشعوراً بالفتور والضعف البدني وصعوبةً في الحركة، و أضاف: “الأشخاص الذين يتعاطون المخدر يأخذ بعضهم الجرعات عبر حقنةً واحدة يستخدمها 5 أشخاص في المتوسط ويتبادلونها وأحياناً يعيدون استخدام الحقن القديمة”.

الإستيراد تحول لتصنيع محلي

أكد مصدر رفيع بإدارة مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية السودانية  أنهم يعملون بجهد كبير ونشاط ٍعالي  لمحاصرة انتشار المخدرات، وقال لـ”انتقال” طالبأ عدم ذكر إسمه كونه غير مخول رسمياً بالحديث: “تمكنا خلال الفترة الفائتة من إيقاف  مجموعة من المتعاطين و المروجين، آخرها كانت ضبط بضاعة تبلغ  5 كيلوجرام في طريقها للتوزيع”.

و أقر بأن هذه الضبطيات لا تتناسب مع عدد المتعاطين الذين اعترفوا او آبائهم و ذويهم الذين أبلغوا المراكز والمستشفيات المختصة بعلاج الإدمان  .

وأضاف :انتشر “الآيس” في الفترة الاخيرة بصورة كبيرة، في فترة انتشاره الضعيف كان يتم إستيراده من الخارج، الا أنه أصبح يُصنع داخلياً ومن مواد متوفر لا يحتاج فيها الشخص إلا لشقةٍ صغيرة  تفي بالغرض، ومع هذا التطور ازداد الانتشار لدرجة مفزعة”.

و حول جهود المكافحة إعترف بأن السلطات الامنية تواجه صعوبة كبيرة في مكافحة مخدر الكريستال ميث،  لعدة عوامل أولها -حسب حديثه- ضعف الإمكانيات وقصور في جميع الأجهزة، غير أنه عاد و كشف عن إجراء الإدارة العامة لمكافحة المخدرات دراسات ووضع خطط للسيطرة على انتشار “الآيس” و القضاء عليه نهائياً.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى