تقارير

رؤية الحرية والتغيير.. “تسوية” أم تأسيس لوضع دستوري جديد؟

شريف محمد عثمان: طرحنا القضايا التي وحدت الحركة الجماهيرية منذ صبيحة الإنقلاب

الخرطوم – انتقال

 

مع تسارع خطوات الحرية والتغيير لإيجاد حل سياسي مفضي للانقلاب، يتم تداول ذلك على أساس أنه تسويةٌ سياسية، بينما يرى مراقبون وسياسيون أنه تأسيس لوضع دستوري جديد قائم على مطالب الثورة والانتقال الديمقراطي وفقاً للرؤية السياسية التي طرحتها قوى الحرية والتغيير في مارس 2022 حول آليات إسقاط الانقلاب التي تتضمن الحراك الجماهيري والفعل المقاوم سليماً والحل السياسي والضغط الدولي والإقليمي.

القيادي بالحرية والتغيير شريف محمد عثمان-وسائل التواصل الاجتماعي

إتفاق سياسي 

المتحدث بإسم الحرية والتغيير شريف محمد عثمان قال لـ ” انتقال ” : طرحنا في مارس 2022رؤيتنا المفصلة للحل السياسي والذي نسعى من خلالها لإنهاء الانقلاب، وذلك عبر طرح القضايا التي وحدت الحركة الجماهيرية المناهضة للسلطة الانقلابية، والحديث عن تسوية سياسية ينافي الواقع تماماً، وذكر : ما يوحد الحركة الجماهيرية منذ صبيحة 25 أكتوبر ثلاث قضايا رئيسية هي الجيش المهني الواحد ودمج الدعم السريع والحركات المسلحة في جيش قومي واحد، والسلطة المدنية الكاملة وهي أحد أهم أسباب استيلاء الجيش على السلطة لإقتراب موعد تسليم السلطة للمدنيين في دورة رئاسة المجلس السيادي، مضيفاً : قضية العدالة الانتقالية واحدة من أهم قضايا ثورة ديسمبر المجيدة والجرائم والانتهاكات المرتكبة  قبل 11 أبريل 2019 وما بعد الانقلاب وفصلت الحرية والتغيير في رؤيتها للحل السياسي قضايا العدالة والعدالة الانتقالية التي تنصف الضحايا وترد المظالم .

الحل السياسي ..أداة مشروعة

وأكد شريف محمد عثمان لـ ” انتقال ” أنه وخلال الفترة الماضية وفي احتدام الصراع السياسي ما بين مكونات الثورة أصبحت السمة الدائمة هي محاولات هدمها لبعضها البعض بالمزايدة والتخوين والتجريم، ولكن في حقيقة الأمر أن التفاوض والحوار والوصول إلى اتفاقٍ سياسي يفضي إلى تحقيق المطالب الجماهيرية عبر عقد تسوية هي أداة سياسية ويجب على الفاعل السياسي ألا يجرم الأدوات وإنما تتم محاكمة النتائج وتحقيق الأهداف، وأضاف : من الخطأ تجريم الأدوات السياسية وبكل تأكيد هناك خلط واضح بين ما تعمل لأجله قوى الحرية والتغيير لإنهاء الانقلاب مستخدمةً في ذلك الحل السياسي وهو وسيلة مشروعة من ضمن أدواتٍ كثير في العمل السياسي ومابين توصيفه بالتسوية أو المساومة السياسية حيث أن الحرية والتغيير لن تساوم في قضايا الانتقال الديمقراطي والتحول المدني والقضايا التي تطرحها وتطالب بها الجماهير وقدمت لأجلها تضحياتٍ عظيمة .

القيادي بالحرية والتغيير الريح محمد الصادق-وسائل التواصل الإجتماعي

لاتنازل ..لا انهزام

الريح محمد الصادق المتحدث بإسم تجمع المهنيين السودانيين أوضح لـ ” انتقال ” أن مصطلح التسوية السياسية يتم الترويج له كأنما هو تنازل أو انهزام، وعمل كثيرون على “شيطنته” لأجندات يحملنوها تتنافى و مسار العملية السياسية والحل السياسي، إن المسألة كما أوضحت قوى الحرية والتغيير بأنها تبحث عن حل سياسي وطرحته من خلال الرؤية المفصلة لإنهاء الانقلاب، واستخدام مصطلح التسوية السياسية يختلف عن طرحها المُعلن ويفهم أنه استمرار في الوضع الانقلابي مقابل بعض الامتيازات ولكن ما يتخذه تحالف الحرية والتغيير هو انهاء الانقلاب وبالتالي التوصيف المُروج له غير صحيح مطلقاً، والخيار المطروح هو تأسيس وضع دستوري جديد عبر حل سياسي، وذلك حمايةً للانتقال من أي تقويض أو خرق مستقبلاً بذات نسق انقلاب 25 أكتوبر  .

تحويل المطالب لمراسيم دستورية

أكد الريح محمد الصادق أن مطالب السودانيين في بناء دولة حديثة وديمقراطية تحفظ حقوقهم في المواطنة كأساس للحقوق والواجبات، خرجت من المواثيق والمواقف التي تم صياغتها سياسياً خلال الفترة الماضية من قبل قوى الثورة والانتقال الديمقراطي، وتم النص عليها في مشروع الدستور الانتقالي بشكل مؤقت حالياً على أن تصبح مراسيم دستورية دائمة وتضمن في القوانيين والتشريعات لحماية كرامة الإنسان السوداني وتنظيم علاقاتهم فيما بينهم وعلاقتهم بمؤسسات الدولة والحاكمين ،لتنفذ تباعاً حال اسقاط الانقلاب وإصلاح المنظومة العدلية وأن يتم تطويرها بحسب مطالب الناس .

وأضاف : مشروع الدستور الانتقالي أو الإعلان الدستوري المطروح حالياً كأساس للحل السياسي يكتسب قوته من التوافق حوله من الأطراف المختلفة والقضية المركزية التي تم نقاشها في مشروع الدستور الانتقالي وهي ذات أهمية كبيرة هي قضية الإصلاح العسكري والأمني وهو “شباك الانقلابات العسكرية ” وعبره يتم تقويض الأنظمة الديمقراطية والفترات الانتقالية، وإيقاف الانقلابات العسكرية يجب إبعاد المؤسسة العسكرية من الاستقطاب السياسي بالوسائل الممكنة مدنياً من جميع الاتجاهات السياسية والفكرية، وكذلك أعادة تعريف دور القوات المسلحة والقوات النظامية ووضعها داخل الدستور سواءً كان مؤقتاً أو دائماً حيث يكون لديه مهام أساسية هي حماية حدود البلاد والشعب والحفاظ على كيان الدولة و حماية الدستور القائم ، ولايجوز أو يسمح بأي تقويض للدستور تحت أي دعاوى .

هل هي تسوية سياسية ؟

الأمين العام السابق للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية حسام الدين حيدر أوضح لـ ” انتقال ” : ترتبط التسوية السياسية في مفهومها بالنزاعات والحروب لتهيئة المناخ العام لإيجادِ حل سياسي ينهي النزاع القائم وقفاً للخسائر الناتجة عن الحرب  من طرفي النزاع وتحقيق طرفيه سواء المنتصر أو المهزوم الذي يلجأ لتحقيق أهدافه من خلال التفاوض المباشر أو عبر وسطاء، وأضاف :هي بذلك ترتبط بالنزاعات  أكثر من ارتباطها بالمطالب التي ترفعها الثورات الشعبية والفاعلين والناس العاديين الساعين للتغيير السلمي للسلطة عبر آلياتِ المقاومة المدنية والسياسية والتي تشتمل على تسيير المظاهرات والمواكب السلمية والإحتجاجاتِ المتفرقة والإضراب السياسي والعصيان المدني والتي تأخذ أشكالاً مختلفة تشترك فيها الأحزاب السياسية والأجسام المهنية والنقابية ومنظمات المجتمع المدني ومجموعات الضغط في صورٍ متعددة هدفها تحقيق مطالب شعبية تقوم أهدافها على تحقيق الديمقراطيةِ واعتراضاً على تمكينٍ نظامٍ سياسي لمنسوبيه في إدارة شؤون الدولة وارتكاب الانتهاكات الجسيمة واشعال الحروب والنزاعات كما في النموذج الحالي بالسودان .

تواصل الاحتجاجات المطالبة بالحكم المدني في السودان-وكالات

التغيير السلمي للسلطة

وقال حسام الدين حيدر : ينبغي التفريق بين السعي السلمي لتغيير السلطة عبر آليات المقاومة المدنية والسياسية والعمل المسلح لتحقيق ذات الغايات، في الأولى يكون الحديث عن التوصل لإتفاقٍ سياسي يؤسس لوضعٍ دستوري ينتج عنه تحقيق مطالب الثورة والانتقال الديمقراطي وتشمل قضايا العدالة والحرية وحقوق الإنسان وتفكيك بنيةِ النظام الذي تم خلعه شعبياً، وبين العمل المسلح الذي يقوم على التوصل لاتفاقٍ يوقف العمليات العسكرية والاقتتال وهو مايؤسس لما يوصف بحلٍ سلمي أو اتفاق سلام تقوم عليه تسوية قضايا النزاع، و أشار إلى أن وصف التسوية هنا لاينطبق لعدم وجود نزاع مسلح وإنما تغيير وضع دستوري انتقالي ديمقراطي لصالح وضعي شمولي ديكتاتوري تتم مقاومته سياسياً وشعبياً وعلى ضوء ذلك نحن نتحدث عن تحقيق مطالب سياسية ودستورية لانهاء الانقلاب، مضيفاً : الرؤية السياسية للحرية والتغيير تحدثت عن مطالب وليس تسوية سياسية، والتسوية السياسية ترتبط بتقديم تنازل عن مطالب ووضع ضماناتٍ لها وهو مالم يمكن قراءته من واقع تجربة الفترة الانتقالية ماقبل انقلاب 25 أكتوبر 2021.

 

التغيير العميق المتدرج

وأضاف حسام الدين حيدر: إذا كانت مجريات العملية السياسية ستفضي إلى اتفاقٍ سياسي يقضي بخروج العسكر من العملية السياسية تماماً وتأسيس دستوري مُحصن بتوافق قوى الثورة والقوى الداعمة للانتقال الديمقراطي وتحقيق مطالب الثورة فإن الحديث عن تسوية سياسية سيكون مبحثاً للنقاش والحوار بين المكونات السياسية من جهة والحركات المسلحة من جهة لإنهاء أسباب الحروب والنزاعات والتي يكون طرفها دائماً الأنظمة الشمولية والعسكرية وليس الأنظمة الديمقراطية على قلة فترات حكمها في تأريخ البلاد،  وأشار إلى أن ضماناتِ تحصين أي إتفاقٍ متوقع هو ضرورة أن تفهم القوى المدنية الديمقراطية ودعاة التغيير الجذري أن ما يجعل مطالب الثورة لا تتحقق وعرضة للانقلاب عدم استيعاب مسألة التغيير العميق المتدرج ومنح الطرف المنحاز ضد الثورة مساحاتٍ للخصم من الثورة عبر شيطنة المطالب المرفوعة .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى